يشهد المجتمع الدولي في السنوات العشرالأخيرة توجه حازم نحو تقليل استخدام الوقود الاحفوري Fossil Fuel والمتمثل في المشتقات البترولية والفحم وقابل ذلك بالطبع جهودا حثيثة لإ ستغلال الطاقات المتجددة Renewable Energy في مجال توليد الكهرباء والتدفئة والنقل والأوجه الصناعية الأخرى وذلك لسببين رئيسيين وهما :
• تفاقم مشكلة التلوث البيئي بالانبعاثات الكربونية وما نتج عنها بما يسمى ) الاحتباس الحراري Global Warming ) حيث أعلنت وكالة الطاقة العالمية IEA في تقريرها الاحصائي السنوي : بلوغ كمية الانبعاثات الغازية الكربونية في الجو 33 G Tonsجيجا طن( وذلك في العام 2017
• وأما السبب الآخر فيعتبر استراتيجيا واقتصاديا وقد يكون هو الدافع الأساسي نحو تبني إستغلال الطاقات المتجددة ويتمثل في توقع انخفاض أو نضوب المخزون النفطي في العالم في الأربعين عام القادمة وذلك في ظل تزايد معدلات الإحتياج العالمي من الوقود ، فما يصبوا إليه علماء وإقتصاديوا المجتمع الدولي هو الإستدامة Sustainability والمحافظة على الإنجازات الحضارية للعالم ، ولا شك أن نضوب الطاقة هو تهديد للحضارة التقنية والصناعية المعاصرة.
وتجاوبا مع هذه المعطيات فقد انطلقت عدة مشاريع لتوظيف واستغلال الطاقة المتجددة في القطاعات المختلفة ، وأهمها توليد الكهرباء و النقل ، وحظيت تلك المشاريع بدعم مباشر وغير مباشر من قبل الحكومات الغربية و أبرز تلك ا لدول: ألمانيا ، أسبانيا ، الولايات المتحدة ، الصين ، اليابان والهند ، حيث بلغ معد ل السعة الكهربائية لمجموع الطاقات المتجددة عالميا GW 2195 جيجا وات ، ومع ذلك لا يزال هذا الرقم متواضعا بالنسبة للطموح العالمي ، وبالتوازي مع تلك الأحداث فقد حققت الأبحاث بمجال الطاقة المتجددة قفزات نوعية و تطور تقني متسارع مما انعكس إيجابا على صناعتها حيث زادت الكفاءة النوعية لمختلف أنواعها مع تكلفة مالية أفضل ملاءمة ،
وقد لاتكون الخلايا الشمسية الكهروضوئية مصدرا وافرا للطاقة الكهربائية أو ما يطلق عليه Redundant Source وذلك بسبب ارتباط فعاليتها بالشمس والظروف الجوية الاخرى إضافة إلى صعوبة تخزين الطاقة الكهربائية بكميات كبيرة ، إلا أنها في الوقت الحالي توظف بشكل جيد وداعم ممتاز لما يسمى بتخفيف العبيء الكهربائي عند الحمل الأقصى Peak Shaving
ونجحت ا لخلايا الشمسية الكهروضوئية بامتياز في إمداد المناطق النائية والفقيرة بالطاقة الكهربائية الضرورية من خلال تثبيتها على أ سطح المباني Roof-top Systems او كشبكات محلية صغيرة بساحات الاحياء Mini grids في القرى النائية .
إن التوجة العالمي للطاقة البديلة أو المتجددة والذي نتج عن نداءات تحذيرية من التغيرات المناخية للكرة الارضية والتي تولد عنها ما يسمى ” ظاهرة الاحتباس الحراري ” والتي كانت نتيجة لزيادة انبعاثات ” غازات البيوت الخضراء” Greenhouse Gases وبالاخص الاكاسيد الكربونية وأهمهم غاز ثاني أكسي الكربون ، حيث أكدت التقارير العلمية أنه في المائة عام الخيرة( ما بين 1906 -2005 ) إرتفعت معدلات حرارة مناخ الأرض ، وأوضحت وكالة IEA في تقاريرها أن قطاع توليد الطاقة يسهم بنحو 30 % من مجموع إ نبعاثات ثاني أكسي الكربون في الجو .
هناك توقع بازدياد الطلب العالمي للطاقة خلال العقدين القادمين بنسبة 43 % وبالتبعية فإن الإ حتياطي العالمي للنفط لن يغطي هذا التزايد بالاحتياج ، ونشأ مع كل تلك الظروف مفهوم مستقبلي شامل لكل مناحي الحياة بدأت به معظم الدول الصناعية والمتقدمة وهو الإستدامة Sustainability وهو السبيل الوحيد لبقاء الحضارة البشرية وانقاذ ما وصلت له له من إنجازات علمية وصناعية ، ولاشك أن الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة أهم أركان ذلك المفهوم.
الطاقة الشمسية : عبارة عن إشعاعات كهرومغناطيسية طيفية ذات قدرة ترددية ، وتعتبر مصدرا للطاقة الحرارية بالإشعاع ، والطاقة الشمسية تتألف من إشعاعات مرئية وغير مرئية ، وتعتبر من أهم مصادر الطاقة المستدامة Sustainable وأفضلها وذلك لغزارة القدرة الواصلة لسطح الكرة الأرضية والتي يبلغ معدلها Petawatt 89 أي ما يعادل Terawatt 89000 وهي كمية ضخمة بالمقارنة بالإحتياج الكهربائي العالمي وبشكل عام يتم توظيف الطاقة الشمسية بمجالين رئيسيين:
• الطاقة الشمسية الكهروضوئية Photovoltaic Solar Energy : وهي الطاقة الكهربائية المتولدة في بعض انواع اشباه الموصلات Semiconductors ناتجة من استثارة الإلكترونات في ذرات العناصر الشائبة بها بواسطة طاقة الاشعاع الطيفي Irradiance
• الطاقة الشمسية الحرارية Solar Thermal Energy : وهي طاقة حرارية يتم تجميعها من الشمس وتركيزها Concentration بواسطة الإنعكاس Reflection أو ألواح مجمعة Solar Collectors حيث تنقل الحرارة بعد ذلك بواسطة موائع للاستفادة منها في عمليات ميكانيكية لتوليد الطاقة الكهربائية أو لمجرد الحصول على حرارة تسخين للمياه
توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة و التي لا تسبب أي تلوث بيئي، إن استخدام الطاقة الشمسية ليس بالأمر الجديد، حيث أنها تستخدم منذ عقود لتسخين المياه، و لكن في الوقت الحاضر توصل العلماء لأجهزة يمكن أن تحول الطاقة الشمسية إلى كهرباء.
توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية إن خلايا الطاقة الشمسية التي تقوم بإنتاج الكهرباء تتشابه لحد كبير مع تلك الخلايا التي تسخن المياء من حيث الشكل الخارجي، إلا أن محتويات كل منها يختلف تماما عن الأخر.
محتويات الخلايا تحتوي خلايا الطاقة الشمسية على أشرطة من السيليكون منها ما هو مشحون بشحنة سالبة و منها بشحنة موجبة. يتم ترتيب هذه الأشرطة بحيث تتقابل الشحنات السالبة مع الموجبة. كما يتم حمايتها بطبقة رقيقة من الزجاج. يخرج من كل خلية كابل كهرباء من أجل نقل التيارات المولدة لتجميعها في نقطة و احدة من أجل الاستهلاك.
طريقة عمل الخلايا عندما تسقط أشعة الشمس على الخلايا فإن جزيئات الضوء و التي تدعى فوتونات تقوم بتحرير الالكترونات من مادة السيليكون. بعد أن يتم تحرير الالكترونات، تنجذب السالبة منها بشكل تلقائي لأحد أشرطة السيليكون، إن هذه العملية تودي إلى فرق جهد داخل الخلايا. من خلال إيجاد فرق الجهد يمكن إنتاج تيار كهربائي عن طريق شبكة من الأسلاك. تقود هذه الشبكة التيار إلى الكابل و من ثم للمجمع. إن وصول التيار للمجمع يعني إما القدرة على استهلاك الكهرباء بشكل مباشر أو تخزينها في مدخرات من أجل استهلاكها لاحقا.
معلومات أخرى حول استخدام خلايا الطاقة الشمسية كما هو معروف فإن هذه الخلايا تعتمد بشكل رئيسي على ضوء الشمس و لا يمكنها أن تعمل من دونه. لذلك عند تثبيت هذه الخلايا يجب تجنب وضعها في أي منطقة يمكن أن يغطيها الظل. إن أفضل مكان لتثبيت خلايا الطاقة الشمسية هي أسطح المباني أو التلال أو السهول المفتوحة. الجدير بالذكر أن هذه الخلايا يجب أن تكون موجهة بإتجاه الجنوب و بزاوية 45 درجة تقريبا، و ذلك للحصول على أكبر قدر من ضوء الشمس. إن الفترة ما بين الساعة 9 صباحا و الساعة 3 مساء هي فترة الذروة لإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الخلايا الشمسية.
يتم توليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية بطريقتين :
الطاقة الضوئية: المستخدمة منذ 30 عاماً، والتي تعتمد على وجود خلايا كهروضوئية مكونة من طبقات رقيقة من السيليكون ومواد أخرى، وهي أشباه موصلات مربعة الشكل، وعندما تصلها أشعة الشمس تبدأ التفاعلات الكيميائية داخل الخلية بإطلاق إلكترون يولد تياراً كهربائياً يمكنه أن يمد بناءاً كاملاً بالطاقة.
الطاقة الحرارية: وهي التقنية التقليدية التي تستخدم فيها عاكسات تركز أشعة الشمس لتكوين البخار لتشغيل المولدات الكهربائية، ومن الجدير بالذكر أنه تنتشر في الأسواق تقنيتان تعتمدان على الطاقة الحرارية، وهما كالآتي: استغلال حرارة أشعة الشمس لتسخين غاز الهيليوم أو غاز الهيدروجين أو الصوديوم السائل لتكوين غاز مضغوط أو بخار لتحريك التوربينات لتوليد الكهرباء. توجيه مرايا تعكس أشعة الشمس إلى برج كبير بداخله سوائل، تتحول إلى بخار يدفع التوربينات وبالتالي توليد الكهرباء.
بقلم : د.محمد اليماني
رئيس المجلس العربي للطاقة المستدامة